العلف مقابل السلام فى ابيى

ما قبل: الصادق الرزيقي

من المضحكات المحزنات، ما قاله ياسر عرمان في حواره مع الزميلة «الأحداث» في عددها الصادر أمس، إن الدكتور نافع علي نافع مساعد رئيس الجمهورية ومسؤول شؤون الحزب في المؤتمر الوطني، هو صديق الحركة الشعبية وصديق لعرمان ..!!!
بين ليلة وضحاها، صار نافع صديقاً للحركة، أليس هذا مثيراً للعجب والضحك، ظل الدكتور نافع ولم يزل قائداً سياسياً مبدئياً لا يتلوّن ولا يُبدِّل، وهو العدو الأول للحركة طيلة الفترة الماضية حتى أن عرمان وصفه في الحوار بأن لديه لونين أبيض وأسود فقط، وبدا عرمان مشفقاً من ما أسماها الحملة الإعلامية التي تستهدف نافعاً كما يقول.
عشنا في هذه الدنيا لنرى ونسمع هذا الدجل السياسي المكشوف واللعب على عقول الناس، بمثل هذا الحديث الضال المضلِّل، إذا كانت تقديرات نفر من المؤتمر الوطني أوجدت كارثة مثل اتفاق أديس فإن ذلك لن يحوِّل نافعاً إلى ولي حميم للحركة الشعبية ولا ينبغي له ذلك، وليس من الأمانة في شيء أن يتلوى عرمان كالحيّة الرقطاء ويتثنى كالراقصة اللعوب، ليقول للناس نافع صديقي ..!!
منذ متى كان أيٌّ من قيادات المؤتمر الوطني صديقاً وفياً للحركة الشعبية، فالذي جمع النقيضين هي اتفاقية نيفاشا وهي معاهدة صلح فقط لم تتحوّل لشراكة سياسية أبداً، تقاسم المؤتمر الوطني بعد توقيعها والحركة الشعبية السلطة والثروة وطبقت ترتيبات أمنية وعسكرية، لكنها لم تتحوّل لشراكة سياسية تتفق فيها الرؤى وتتطابق الأفكار وتتناغم البرامج السياسية، والكل يعرف حجم ونوع المعايشة والمصانعة بين شريكي الاتفاقية مثلما يعرف الناس نوع وضخامة التشاكس العنيف والضرب تحت الحزام بينهما طيلة الفترة الماضية منذ 2005م، وعندما يقول عرمان مستغلاً ظرف توقيع اتفاق إطاري مات في مهده ومثّل فيه الحكومة الدكتور نافع، فإنه يخادع ويكذب على نفسه أولاً قبل الآخرين، فلا نافع صديقاً له ولا للحركة، ولا ما فعله يؤهل الحركة لصداقته وبئس هذه الصداقة.
تكشف عبارات الأمين العام لقطاع الشمال، حالة الضياع والبؤس التي تجعله يتشبث بخيوط من دخان لصداقة متخيلة متوهمة لا وجود لها، فصداقته مع نافع لن تكون جسراً يعبر من خلالها لما يريد ويتمنى، وإشاراته كأنه يريد المنافحة عن نافع في ساحة الحملة الإعلامية المستعرة ، لن تقربه زلفى من نافع ولا المؤتمر الوطني، فعرمان هو عدو لم يكن من بد للمؤتمر الوطني من التعامل معه، والآن انتفت هذه الأسباب، فالحركة الشعبية تشنُّ الحرب في جنوب كردفان وعرمان يتوعّد هو وعقار بحرب شاملة من النيل الأزرق حتى دارفور، فكيف بعد هذا يتودّد ويقعي عند باب المؤتمر الوطني متحدثاً عن صديقه نافع، أليس هذه هي بعض علامات الطامة الكبرى وعلامات الساعة الصغرى.. لقد أزفت الآزفة.
سلفا كير والمسيرية...
من مثيرات القهقهة والضحك، ما عرضه رئيس الحركة الشعبية ورئيس حكومة الجنوب والرئيس المرتقب للدولة القادمة سلفا كير ميارديت، على قبيلة المسيرية، بمنحها منصب نائب رئيس دولة الجنوب إذا قبلوا بالتنازل عن أبيي وارتضوا الانتماء لدولة جنوب السودان التي ستولد زاهقة.
هل المسيرية الذين يفخرون بانتمائهم لبلدهم ودافعوا عنه وقدمّوا الشهداء في سبيله، يمكن شراؤهم بمنصب وهمي في حكومة الجنوب، وهل يستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير؟؟
سبق أن عرض سكوت غرايشون المبعوث الأمريكي السابق على المسيرية في مفاوضات بأديس أبابا في نهاية أكتوبر من العام الماضي صفقة سميِّت «العلف مقابل السلام»، بإعطائهم المواطنة المزدوجة في أبيي تتيح لأبقارهم الرعي مقابل موافقتهم على تبعية المنطقة للجنوب، والتنازل عن حقهم في المشاركة في الاستفتاء ..!!
اختزال المسيرية وهي قبيلة كبيرة وممتدة على حدود طويلة مع الجنوب في شريط صغير لقطعة من الأرض لا تساوي عشرة آلاف كيلومتر مربع تسمى أبيي هو إهانة لهم ومحاولة لاستحمارهم واستهبالهم على طريقة سلفا كير!!