متشابهات واختلافات بين المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل

[wow][/wow]متشابهات واختلافات بين المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل

د. ربيع عبدالعاطي : الإنتباهة
الأمر الواضح في منبر السلام العادل، هو أنه منبر يدعو صراحة إلى عدم التنازل للحركة الشعبية، ولو كان ذلك بمقدار، خاصة إذا كان ذلك المقدار على حساب الاسلام والعروبة، مع اني في هذه الأخيرة لا أجد مبرراً للخلاف، لأن العروبة لا يمكن قيامها بكثافة دم أو لون، إذ أن العروبة وفق التعريف هي اللغة، واللغة العربية أصبحت أداة للاتصال في كل أنحاء السودان دون استثناء لجنوب أو شمال. ولقد أثبتت الأيام أن المؤتمر الوطني قد اعتمد صيغة التنازلات والتسامح، على أمل أن يثمر ذلك المبدأ حتى وإن طال الزمن، باعتبار أن الدفع بالتي هي أحسن تكون مفاعيله قادرة على تحويل العدو من منطقة التآمر ونقاط الخيانة، إلى ساحات الولاء والحميمية. أما الذي يشترك فيه المؤتمر الوطني مع منبر السلام العادل، فهو أن الأخير لم يساوم ولو مرة واحدة في الدفاع عن السودان وشعبه عقيدة وشريعة، فكان المنبر شرساً أمام ادعاءات أوكامبو والاستهداف الدولي، ويكاد يجمع المنبر بعضويته ورغم اختلافه مع المؤتمر الوطني في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل حول منهج الحكم القائم على منهج توقيع اتفاقيات السلام وما يصاحبها من تنازلات، على ضرورة دعم الرئيس البشير، ليكون هو المرشح الأوحد لرئاسة قادمة، إلى درجة أن المنبر لم تراود عضويته منافسة المؤتمر الوطني لا في الولايات القريبة والبعيدة، كما أنه لم يفكر إطلاقاً في خوض منافسة انتخابية مهما كانت مستوياتها اتحادياً أو ولائياً.
وهذه المواقف تثبت بأن المنبر برغم البون الشاسع بين قيادته وقيادة حكومة الوحدة الوطنية في منهج التفكير، وهو منهج يقوم على القطعيات حول قضايا جعلت الكثير من الناس والجماهير المحسوبة على المؤتمر الوطني تؤيد ما يراه المنبر من رؤى كانت إلى وقت قريب تصنف بأنها من قبيل التشدد، ولكن الممارسة والسلوك السياسي لمن وقعوا اتفاقيات السلام كانت سبباً في إنحياز قاعدة جماهيرية لا يمكن استتفاهها أو التقليل من شأنها، إلى ما يدعو إليه المنبر. في الوقت الذي فيه أن دعوته في بدايتها كانت مستنكرة، فإذا بها بعد مرور زمن يسير أصبحت تحظى بالقبول وتنال التأييد.
وإذا كانت المشتركات بين المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل قد أدت الى مشهد سياسي قاد نحو الغاء رغبة المنبر في المنافسة السياسية في وجه المؤتمر الوطني، فإن هذا الملمح وتلك السمة لا بد أن يضعها في الاعتبار من يديرون الحملة الانتخابية للأخير، ذلك لأن الاستقراء السياسي للواقع يفصح عن حقيقة ما جعل شريحة عظمى تفضل الانفصال عن الجنوب، بسبب ما كلف أبناء السودان من تحمل تبعات كانت في مقدمتها الحرب، ثم ازدادت هذه التبعات أضعافاً مضاعفة عندما تم توقيع إتفاقية السلام. وهم، أي هؤلاء، يقولون بأن الحرب لم تحل المشكلة، والتنازل جعلها أكثر تعقيداً ثم حولها إلى عصى غليظة بدلاً مما كان يؤمل فيه من انحسار للتعقيد ومبارحة للوضع الذي فيه اضطروا لتقديم التضحيات. وبالتالي أصبح خيار الانفصال هو الذي تبقى، وهو ذات النتيجة التي أدت الى نشوء المنبر وتجاوزته إلى قاعدة استقر في ضميرها هذا الخيار. وإذا جاز لنا أن نصف الحالة التي عليها المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل من حيث المتشابهات والاختلافات نستطيع القول: بأن المؤتمر الوطني يؤمن بالتنازل والتسامح، ويجلب لنفسه بهذا المنهج عنتاً ورهقاً وتحديات جديدة. وقد يكسب الجولة أخيراً، ولكن مثل تلك المبادئ لا تكتب لها الانتصارات في الزمن القريب، وتحتاج الى صبر طويل يتجاوز الجيل الواحد إلى عشرات الأجيال.
أما منبر السلام العادل، فهو يعتمد على تجارب وخبرات في سنوات ماضية دعمتها نتائج ليست مرضية لاتفاقية السلام الشامل، وقد يكون المنبر منذ البدء رافضاً لبعض بنودها، وهو انطلاقاً من هذا المبدأ يود أن يصل بنا إلى إغلاق الملف، وانهاء المأساة وايقاف محاولات التجريب، ولكأنما يود المنبر أن يختصر لهذا الجيل الطريق إذا كان بالإمكان الاختصار. والذي بين المؤتمر الوطني ومنبر السلام العادل من خلاف ستحكم فيه الأيام، فإما أن تضيق مساحات الخلاف أو يكف المؤتمر الوطني عن خطه الموغل في التنازلات أو يصلا الى قناعة وسطى بالدمج بين منهج اختصار الطريق ومنهج التنازلات.
٭ دعونا نراقب المشهد.!!